إعداد: نشوى عبد النبي
باحثة في العلوم السياسية
مقدمة
بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عدة سنوات مشروعاً سياسياً استراتيجياً تعدى حدود الطموح الاقتصادي بكثير، فلم يعد البترول وحده هو المحرك الأساسي للإمارات الذي تعلم جيداً أن مخزوناتها من النفط والغاز الطبيعي لن تستمرا إلى الأبد وأنه لابد من أعمدة أخرى يستند إليها الاقتصاد الإماراتي. وأدركت الإمارات قبل فترة طويلة مدى أهمية الموانئ البحرية في الاقتصاد العالمي فأقامت “موانئ دبي”، وبعد أن أصبحت رقماً صعباً في محيطها بدأت في التوسع خارج حدودها.
نسلط الضوء في هذا التقرير الرصدي التحليلي الضوء على استراتيجية شركة موانئ دبي الإماراتية في أفريقيا لمعرفة أبعادها وأهميتها .
موقع أفريقيا في الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات:
تقوم السياسة الخارجية لدولة الإمارات على الاهتمام بالقارة الأفريقية من عدة جوانب، والجديد هو توسيع نطاق العلاقات بين الإمارات وأفريقيا، وازدياد دور الإمارات في القارة، وانتهاج استراتيجية الاستثمار في الموانئ الإفريقية، والتي تعتبر بمثابة فتح للأبواب مع القارة الأفريقية باعتبارها قارة غير منسية، بل قارة ناهضة في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والسياحية وغيرها. ويأتي اهتمام دولة الإمارات بالموانئ واللوجستيات ضمن استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تتبعها الدولة، بالتزامن مع التقليص التدريجي للأهمية النسبية لقطاع الطاقة في مكونات الاقتصاد الوطني لصالح قطاعات أخرى، منها: النقل والخدمات اللوجستية، والسياحة، والبناء والتشييد.
تُعد القارة الإفريقية منطقة نمو أساسية لموانئ دبي العالمية، حيث أنها تعمل على توفير الكثير من الفرص لمواصلة تطوير الموانئ وقطاع الخدمات اللوجستية والممرات التجارية والتجارة الإلكترونية. إن أفريقيا تحتاج إلى مزايا التجارة العالمية بالرغم من كثرة مواردها الطبيعية وتوافر الأعداد المتنامية من القوى العاملة الشابة في ظل الحاجة الماسة إلى تحسين الازدهار على النطاق المحلي، حيث أن قارة أفريقيا تقع في موقع مركزي يؤهلها للاندماج في التجارة العالمية وسلاسل الإمداد، كما يعد تطوير الممرات التجارية والبنية التحتية للموانئ أمرًا بالغ الأهمية لربط القارة من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي والتنمية، وبالتالي تصبح القارة لاعبًا رئيسيًا في حركة التجارة العالمية. أن مجموعة موانئ دبي العالمية لديها عمليات في أرض الصومال ورواندا وموزمبيق والجزائر ومصر وقد أبرمت المجموعة مؤخرًا شراكات امتيازات مع حكومتي أنجولا والسنغال.
وتعد شركة موانئ دبي العالمية من أكبر مشغلي المحطات البحرية في العالم، حيث تتولى تشغيل أكثر من 78 ميناء ومحطة بحرية تتوزع على قارات العالم السبع، على رأسها ميناء جبل علي الذي يعد أكبر ميناء بحري في منطقة الشرق الأوسط، والذي اختير بالتصويت كأفضل ميناء بحري في المنطقة على مدى عشرين عاماً متتالية. وتمتد محفظة أعمال الشركة من الأمريكيتين إلى آسيا. وفي العقد الأخير برزت القارة الأفريقية كمحور تركيز استراتيجي نشطٍ للشركة، باعتبارها سوقاً واعدة، وفيها مجالات استثمارات واسعة وفرصة لتواجد الإمارات في القرن الأفريقي ودول القارة بشكل عام.
وتمثل مشكلة تحديث وتطوير البنية التحتية في أفريقيا العديد مشكلة وتحدي كبير، بدءاً من دراسات الجدوى وخطط العمل ضعيفة المستوى ووصولاً إلى التأخير في الحصول على التراخيص والموافقات، وعدم الاتفاق على توزيع الأخطار وضعف خدمات التسليم، ولذلك جاءت أهمية زيادة الجهود الاستثمارية والتعاون وتعزيزها الحل لسد هذه الفجوة وفتح المجال أمام البنية التحتية لسلاسل التوريد في أفريقيا. تسير مجموعة موانئ دبي العالمية (DPW) على نهج أهداف التنمية نفسها التي تنشدها قارة أفريقيا، فعلى سبيل المثال، تهدف تنزانيا إلى أن تصبح اقتصاداً متوسط الدخل بحلول سنة 2025، وهذه رؤية اقتصادية من شأنها التحفيز على إقامة الشراكات الواعدة.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تحتاج إلى استثمار ما يقرب من 7.1% من ناتجها المحلي الإجمالي كل عام في البنية التحتية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة. ومع ذلك، تبلغ الاستثمارات الحالية نصف ذلك المبلغ، ولذلك، أصبح تعزيز تدفق الأموال الخاصة إلى البنية التحتية أمراً بالغ الأهمية لدعم الأهداف الاقتصادية لدول مثل تنزانيا.
الإمارات وخطوات الإستثمار والاستحواذ على الموانئ البحرية في شرق أفريقيا:
ضاعفت الموانئ البحرية الأهمية الجيواستراتيجية في افريقيا جنوب الصحراء لتحتل مرتبة متقدمة بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة. ومع تنامي المصالح الأمنية والاقتصادية والاستراتيجية لها تتعزز أهدافها على المدى القصير والطويل في استغلال موانئ المنطقة اقتصاديًّا وتجاريًّا لتحفيز اقتصاداتها، وضمان الحصول على المزيد من الموارد، وصولًا إلى الحصول على عقود امتياز لإدارة هذه الموانئ الاستراتيجية تدوم لسنوات طويلة.
تتطلع الامارات إلى الاستفادة من الموارد والثروات التي تحظى بها دول المنطقة، بالإضافة إلى فتح أسواق جديدة لها هناك والوصول إلى وسط وجنوب القارة، فضلًا عن تنفيذ المزيد من الاستثمارات والمشروعات الاقتصادية، خاصة مع ظهور استكشافات نفطية جديدة، وتطوير مشروعات النفط والغاز المرتقبة في بعض دول المنطقة مثل إثيوبيا والصومال التي أشارت تقارير إلى امتلاكها احتياطات نفطية هائلة تصل إلى 100 مليار برميل.
أولاً: جيبوتي
ميناء دوارليه : يقع عند مدخل البحر الأحمر الجنوبي، وهو أحد موانئ التصدير الرئيسة في شرق أفريقيا. كما يُعد حلقة وصل وبوابة مهمة لأسواق بلدان شرق ووسط أفريقيا ومركزًا إقليميًّا لنقل البضائع. ويطل على مضيق باب المندب الذي يتمتع بأهمية جيواستراتيجية كبيرة، وتعتمد عليه بكين بوصفه أحد الموانئ الرئيسة في شرق أفريقيا ضمن مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها عام 2013.
تأتي أهمية ميناء “دوراليه” في كونه المورد الرئيسي للبضائع التي تتدفق إلى إثيوبيا، بعدما أغلقت الحرب التي دارت بينها وبين إريتريا عام 1998 ميناء “عصب” الإريتري الذي كانت أديس بابا تعتمد عليه قبل ذلك في استيراد بضائعها، ومن ثم تشكلت شركة جديدة مشتركة تدير الميناء باسم “دي.سي.تي”، تمتلك فيها الهيئة الوطنية لمواني جيبوتي حصة 67%، بينما تعود الحصة الباقية 33% لمواني دبي.
تعد جيبوتي من أوائل الموانئ التي طورتها شركة “موانئ دبي العالمية” في القارة الإفريقية، فقد أنشأت محطة حاويات دوراليه في عام 2006، وهو أكبر ميناء في شرق أفريقيا، وأكبر جهة توظيف في داخل جيبوتي، حيث يعمل به حالياً ما يقرب من 1000 موظف، معظمهم من مواطني جيبوتي، علماً بأنّ قطاع النقل يمثل نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي. يقع دوراليه على بعد 5 كيلومترات من العاصمة جيبوتي باتجاه غربي المدينة، ويضم ثلاثة أرصفة واسعة تبلغ 1.2 مليون وحدة. وبموجب اتفاق الامتياز حصلت حكومة جيبوتي على حصة تبلغ 67 %، بينما حصلت موانئ دبي العالمية على 33 % من المشروع.
في عام 2005 تم توقيع اتفاقية تعاون ما بين الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي وجمهورية جيبوتي لكي تتولى جمارك دبي، والتي كان يفترض أن تستمر 21 عاماً، تقوم خلالها الإمارات بإدارة وتطوير الأنظمة والإجراءات الإدارية والمالية لجمارك جيبوتي وتطوير العمليات الجمركية ونظام وإجراءات التفتيش. كما كان يفترض أن توفر جمارك دبي نظاماً متطوراً لتقنية المعلومات إضافة إلى إقامة البرامج التدريبية لمختلف فئات الكادر الوظيفي في جمارك جيبوتي. لكن اتهمت حكومة جيبوتي موانئ دبي في 2014 بتقديم رشوة لرئيس هيئة الميناء والمنطقة الحرة في جيبوتي آنذاك عبد الرحمن بوريه، لضمان الفوز بعقد امتياز إدارة محطة وميناء دوراليه للنفط، ما دفع بالرئيس إسماعيل عمر غيله لفسخ التعاقد من جانب واحد، لكن محكمة لندن للتحكيم الدولي رفضت في مارس 2016 اتهامات حكومة جيبوتي لموانئ دبي وألزمتها بنفقات الدعوى، وحكمت المحكمة في قرارها النهائي الجزئي بدفع جيبوتي تكاليف التحكيم لشركة موانئ دبي ولبوريه.
وفي فبراير 2018، ألغت سلطات جيبوتي بشكل مفاجئ عقد موانئ دبي العالمية لإدارة محطة “دوراليه”. واعتبرت شركة موانئ دبي العالمية أنّ التحرك للسيطرة على الميناء غير قانوني، واصفة إياه بانتهاك “تعسفي” لاتفاقية سارية المفعول بموجب اتفاق الامتياز. وبدأت شركة “موانئ دبي العالمية” معركة قضائية مع جيبوتي، وأكدت أنها لن تنظر في خيارات بديلة خارج تسوية المحكمة في نزاعها مع حكومة جيبوتي حول محطة حاويات دوراليه.
ثانياً: إريتريا
ميناء عصب الإريتري: يقع في أقصى جنوب البلاد، ويتمتع بموقع استراتيجي مهم، لقربه الجغرافي من مضيق باب المندب عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر الذي يبعد عنه بمقدار 20 ميلًا بحريًّا. كما يقترب من الحدود اليمنية، وبعض الموانئ اليمنية مثل ميناء المخا الذي يبعد عنه بحوالي 40 ميلًا بحريًّا.
وقعت الإمارات اتفاقاً مع اريتريا تستخدم بموجبه ميناء ومطار عصب على البحر الأحمر لمدة 30 عاما. وينص الاتفاق على أن تدفع مؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة في دبي مقابلا سنويا للسلطات الأريتيرية، إضافة إلى 30 %من دخل الموانئ بعد تشغيلها. ومع الميناء، حصلت الإمارات على مطار يحتوي على مدرج بطول 3500 متر، يمكن لطائرات النقل الكبيرة استخدامه في الاقلاع والهبوط. وقد استغلت الإمارات والسعودية ميناء وقاعدة عصب بشكل فعال للغاية في عميلة “عملية السهم الذهبي عام 2015“
ثالثاً: الصومال
ميناء بربرة: يقع في إقليم أرض الصومال، وهو من أقدم الموانئ الصومالية، وتُجرى بعض التوسعات في الميناء لاستيعاب المزيد من الحاويات والبضائع ويوصف هذا الميناء بأنه مفتاح البحر الأحمر. ويمثل عامل الاستقرار الأمني لأرض الصومال حافزًا قويًّا للاعتماد على الميناء مستقبلًا، تجاريًّا وعسكريًّا، كما يُنظر إليه كبديل مستقبلي محتمل لميناء جيبوتي في المنطقة.
تمكنت الإمارات العربية المتحدة من الحصول على حق إدارة وانتفاع مجموعة من الموانئ في الصومال التي تعاني فقرًا شديدًا وصراعات أهلية وعمليات إرهابية، حيث يمتلك الصومال أطول ساحل في القارة الأفريقية بطول يُقدَّر بأكثر من 3 آلاف كيلومترات. ويطل أغلبه على المحيط الهندي، بينما تقع سواحله الشمالية على خليج عدن، وسواحله الشرقية على مضيق باب المندب.
- عقدت شركة مملوكة لمجموعة مواني دبي، في إبريل 2017، اتفاقًا مع إقليم بونت لاند الواقع شمال شرقي الصومال الذي يتمتع بحكم شبه ذاتي؛ لإدارة وتشغيل ميناء بوصاصو المطّل على ساحل البحر الأحمر لمدة 30 عامًا بتكلفة 336 مليون دولار، ويقضي الاتفاق ببناء رصيف بطول 450 مترا، وإزالة رواسب بعمق يصل إلى 12 مترا.
- في مايو عام 2017، تسلمت موانئ دبي العالمية إدارة ميناء “بربرة” في جمهورية أرض الصومال، إيذاناً ببدء تطبيق عقد امتياز إدارة وتطوير الميناء، في حفل أقيم بحضور رئيس جمهورية أرض الصومال، وسلطان أحمد بن سليّم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية. وأرض الصومال هي جزء من دولة الصومال تقع في الشمال وفي عام 1991 أعلنت انفصالها عن الصومال معلنة حكماً ذاتياً من جانب واحد وتحاول إلى اليوم انتزاع اعتراف دولي بها. ويقع ميناء بربرة على ممر بحري هو الأكثر استخداماً عالمياً، ويربط بين قناة السويس والمحيط الهندي، وهو قريب من أثيوبيا التي لا تحظى بأي منفذ بحري. ورصدت موانئ دبي العالمية ما يصل إلى 442 مليون دولار لتوسيع الميناء، بما في ذلك تطوير البنية التحتية، وفي أغسطس من عام 2020، أكملت موانئ دبي العالمية بناء رصيف جديد بطول 400 متر وتوسعة ساحة محطة الحاويات الجديدة بمساحة 25 هكتارًا. وبعد الانتهاء من التوسعة، ستزيد الطاقة الاستيعابية بمقدار 500 ألف حاوية نمطية قياس 20 قدمًا سنويًا. وتُعد “موانئ دبي العالمية – بربرة” ميناءً متعدد الاستخدامات حيث يتعامل العملاء مع مجموعة كبيرة من البضائع التي تتضمن البضائع السائبة والبضائع العامة وبضائع سفن الدحرجة “RORO” والماشية والبضائع المعبأة في حاويات.
رابعاً: السودان
ميناء بورتسودان: يعتبر الميناء الرئيسي في السودان، ويتكون من عدة موانئ مختلفة الاختصاصات، هي الميناء الشمالي والميناء الجنوبي والميناء الأخضر وميناء الخير وميناء سواكن. وبورتسودان هو المنفذ البحري الوحيد للسودان التي تمر تجارتها عبره، ويمكن الاعتماد عليه من قبل بعض الدول الحبيسة مثل جنوب السودان وأوغندا والكونغو الديمقراطية. كما أنه يتوسط البحر الأحمر، ويعد ممرًّا مهمًّا للبحر المتوسط عبر قناة السويس ما يجعله قريبًا من تطورات التجاذبات الدولية والإقليمية في شرق المتوسط، وفي أحداث ليبيا، وهو ما جعل موسكو تندفع نحو إنشاء قاعدة لوجستية لقواتها فيه. ويمكن الربط بينه وبين أهم الموانئ السعودية المطلة على البحر الأحمر، التي تبعد عنه بنحو 250 كم.
وقعت الإمارات ممثلة في مجموعة مواني أبو ظبي مع السودان عقدًا في 13 ديسمبر 2022، لإنشاء ميناء أبو عمامة الجديد الذي يضم منطقة اقتصادية، على البحر الأحمر، بتكلفة تبلغ قرابة 6 مليار دولار. ومن المخطط، أن يُنشأ الميناء الجديد شمال ميناء بورتسودان الذي تمر عبره الغالبية العظمى من واردات السودان، وصادرات النفط من جنوب السودان، وسيضم منطقة صناعية، وأخرى سياحية ومطارا دوليا، ومحطة كهرباء بجانب زراعة 400 ألف فدان.
الإمارات والوصول لموانىء دول جنوب وغرب أفريقيا
الكونغو:
ميناء بوانت نوار: تعد مدينة بوانت نوار المركز التجاري الرئيسي لجمهورية الكونغو، ويضطلع ميناؤها بدور رئيسي في رفد اقتصاد ونمو البلد الأفريقي والمنطقة ككل.فازت مجموعة موانئ أبو ظبي بصفقة جديدة في الأسواق الأفريقية تتولى بموجبها إدارة وتشغيل محطة بحرية متعددة الأغراض في الكونغو. وتتطلع الشركة الإماراتية إلى ترسيخ مكانتها في أفريقيا وتفتح عبر شراكاتها المتنوعة دروب التنمية في القارة والمساهمة في تطوير اللوجستيات. تم توقيع الاتفاقية امتياز لمدة 30 عاماً مع حكومة الكونغو، لإدارة وتشغيل محطة نيو إيست مول متعددة الأغراض في ميناء بوانت نوار في الكونغو. وبموجب اتفاقية الامتياز، تمتلك موانئ أبو ظبي الحق الحصري بالاستثمار في تطوير وتشغيل وإدارة وصيانة محطة نيو إيست مول، والتي ستقوم بمناولة الحاويات والبضائع العامة والسائبة وغيرها من البضائع الأخرى. وستقوم المجموعة الإماراتية باستثمار ما يزيد عن 1.8 مليار درهم (490 مليون دولار) خلال مدة اتفاقية الامتياز مع تخصيص حوالي 808 ملايين درهم (221 مليون دولار) للمرحلة الأولى من المشروع الذي من المتوقع أن يتم الانتهاء منه خلال ثلاثين شهرا. وخلال مدة الاتفاقية، ستقوم موانئ أبو ظبي بتقديم العديد من الخدمات الرقمية والحلول التقنية التي من شأنها تعزيز كفاءة المنشأة الجديدة. ويتضمن ذلك مراحل التصميم والتنفيذ والتشغيل لنافذة موحدة، وتطوير البرمجيات، والهندسة الرقمية، وتحليلات الأعمال، ودعم العمليات الرقمية، والتحول الرقمي.
السنغال:
في السنغال، شرعت موانئ دبي العالمية في بناء ميناء دو فوتور، بعد أن حصلت على عقد امتياز لثلاثين عاماً لتطوير مشروعات البنية التحتية في السنغال. بعد الانتهاء من أعمال البناء، سيضم بورت دو فوتور المتكامل منطقة اقتصادية ومنطقة لوجستية متاخمة لمطار بليز دياجني الدولي الجديد، حيث إن الميناء سيوفر حركة شحن سلسة إلى الدول المجاورة غير الساحلية في القارة الأفريقية. كما تعهدت موانئ دبي العالمية أيضاً بتقديم خطة رئيسية لإعادة تطوير ميناء داكار القديم إلى مركز رئيسي للوجستيات وبوابة.
كما أبرمت المجموعة اتفاقية لتطوير ميناء بحري عميق في ندايان، يبعد عن الميناء الرئيسي في داكار بنحو 50 كيلومترًا ، وستستثمر موانئ دبي العالمية 837 مليون دولار في المرحلة الأولى، ومن المتوقع استثمار 290 مليون دولار في المرحلة الثانية وسيُعد هذا أكبر استثمار لموانئ دبي العالمية في أفريقيا حتى الآن.
أنجولا:
وقَّعت موانئ دبي العالمية اتفاقية امتياز لمدة 20 عامًا مع حكومة أنجولا لتشغيل محطة الحاويات متعددة الأغراض في ميناء لواندا، وذلك بعد مناقصة عالمية. وستقوم موانئ دبي العالمية باستثمار 190 مليون دولار خلال فترة الامتياز التي تمتد لعشرين عامًا. تضمن الخطط إعادة تأهيل البنية التحتية الحالية، وإضافة معدات جديدة بهدف الارتقاء بجودة العمليات حسب المعايير العالمية ورفع كفاءة محطة الحاويات متعددة الأغراض، مما يحقق الهدف الأشمل للشركة والمتمثل في زيادة سعة المحطة إلى ما يقرب من 700 ألف حاوية نمطية قياس 20 قدمًا سنويًا.
روندا:
وقعت مجموعة موانئ دبي العالمية مذكرة تفاهم مع مجلس تنمية رواندا في ديسمبر 2020 لتكون رواندا أول بلد ستطلق فيه منصة موانئ دبي العالمية الجديدة للتجارة الإلكترونية، “DuBuy.com” ، وذلك لكي تستفيد الشركات التي تستخدم المنصة من الخدمات والاستثمارات الأوسع نطاقًا التي تقدمها موانئ دبي العالمية، مما يعمل على تعزيز التجارة داخل القارة وبين رواندا ودولة الإمارات.
وكانت رواندا أول دولة تدشن منصتها للتجارة الإلكترونية بين الشركات والأعمال “B2B” والتجارة الإلكترونية بين الشركات والمستهلكين “B2C” التي ستحمل اسم “دوباي دوت كوم” “DuBuy.com”. وتستخدم للترويج لصادرات رواندا مثل البن والشاي والمنتجات الزراعية عبر منصة “Dubuy.com” وتطوير الخدمات اللوجستية عبر سلسلة الإمداد في رواندا، بالانتقال من الوصول البدائي إلى استخدام الأدوات الرقمية.
تنزانيا:
ميناء دار السلام: على مر التاريخ، اضطلع ميناء دار السلام بدور مركزي في نقل الواردات والصادرات بين البلدان غير الساحلية المجاورة، مثل أوغندا ورواندا. ولكن تقف البنية التحتية للمنطقة حاجزاً أمام سرعة تقدم الاقتصاد في أفريقيا وتنزانيا. وتُظهر دراسة أجراها «اتحاد البنية التحتية في أفريقيا» أن البنية التحتية الضعيفة تضيف ما بين 30% و40% إلى تكاليف السلع المتداولة بين البلدان الأفريقية. ونتيجة لذلك، لا تتجاوز التجارة بين الدول الأفريقية نسبة 13%، حسب ما أفاد الاتحاد الأفريقي، أما في حالة التجارة بين دول الاتحاد الأوروبي، فتصل إلى نحو 60%، وفقاً للمفوضية الأوروبية.
وقعت مجموعة موانئ دبي العالمية (دي بي ورلد) اتفاقية امتياز مدتها 30 عاماً مع هيئة الموانئ التنزانية لتشغيل وتحديث ميناء دار السلام، في 22 أكتوبر 2023. ويهدف تحديث ميناء دار السلام متعدد الأغراض إلى ربط تنزانيا والمنطقة بالأسواق العالمية. وقد تم منح (دي بي ورلد) امتياز تشغيل ميناء دار السلام وتحديثه بهدف تحسين عمليات الميناء وتحسين خدمات النقل والخدمات اللوجستية في تنزانيا ومناطقها النائية. وستستثمر مجموعة موانئ دبي العالمية من خلال المرحلة الأولى من خطة استثمارية متعددة المراحل مبدئياً أكثر من 250 مليون دولار أمريكي لتحديث الميناء. ومن الممكن أن يرتفع حجم الاستثمار إلى مليار دولار أمريكي خلال فترة الامتياز، إلى جانب المشاريع اللوجستية في المناطق النائية. وسيكون لهذا الاستثمار تأثير إيجابي على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في تنزانيا من حيث توليد فرص العمل وزيادة إمكانات الوصول إلى المنتجات والخدمات، إضافة إلى مزايا أخرى.
وسيتصل الميناء بالمناطق النائية في أفريقيا جنوب الصحراء، من خلال شبكة برية تشمل الطرق السريعة والسكك الحديدية، إضافة إلى ممرات الشحن والموانئ المخصصة، وبالتالي دعم الطلب المتزايد على الحلول اللوجستية من جميع أنحاء القارة وربط الشركات في المنطقة بالأسواق العالمية.
وعلى مدى السنوات الخمس المقبلة، ستعمل موانئ دبي العالمية على استثمار أكثر من 250 مليون دولار أمريكي في الميناء لتحديث عملياته وتحسين خدمات تخليص البضائع والنقل والخدمات اللوجستية في جميع أنحاء تنزانيا والمناطق الخلفية للميناء. وسيعمل تحسين كفاءة الميناء وتسهيل الوصول إليه على توفير الفرص للتعامل مع السفن وخطوط الشحن الأكبر، وسيؤدي ذلك إلى خفض تكاليف الشحن البحري لدى المستوردين والمصدرين، وهو ما يسهم في خفض الأسعار أمام المستهلكين في تنزانيا على مستوى مختلف السلع والبضائع، بدءاً من المواد الغذائية والملابس وحتى الآلات عالية التقنية، كما أن تحديث الميناء سيعزز دور دار السلام باحتسابها البوابة البحرية لحزام النحاس في وسط أفريقيا، حيث تُعَد واحدة من كبرى مناطق إنتاج النحاس وأكثرها إنتاجاً في العالم، وستزيد أهمية صادرات النحاس وغيره من المعادن لتلبي الطلب العالمي المتزايد على الطاقة في ظل تسابق العالم على الحد من انبعاثات الكربون.
وتتضمن الاتفاقية المذكورة بين الإمارات وتنزانيا ضخ استثمارات مبدئية بنحو 250 مليون دولار في السنوات الخمس المقبلة لتطوير الميناء، ويمكن أن ترتفع إلى مليار دولار خلال فترة الامتياز البالغة 30 عامًا، مما
الامتيازات التي سيحصل عليها ميناء دار السلام عقب التعامل مع مجموعة موانئ دبي العالمية:
- ستعمل مجموعة موانئ دبي العالمية مع هيئة الموانئ التنزانية جنباً إلى جنب، بهدف البناء على هذا التقدم والتمكن من تخليص البضائع بشكل أسرع وتحسين عمليات تخطيط الشحن، مما يعزز دور دار السلام كبوابة بحرية لمعادن الطاقة الخضراء من دول “منطقة حزام النحاس” في جنوب-وسط أفريقيا.
- سيؤدي تحسين الكفاءة إلى جذب مزيد من خطوط الشحن والسفن الأكبر حجماً إلى دار السلام، وبالتالي تخفيض تكاليف الشحن البحري للمستوردين والمصدّرين التنزانيين.
- ستقوم مجموعة (دي بي ورلد) باستثمارات مستقبلية في تحديث الميناء، بما في ذلك الاستثمارات المرتقبة في مستودعات التخزين التي يمكن التحكم بدرجة حرارتها لتعزيز القطاع الزراعي في تنزانيا، فضلاً عن زيادة الاتصال بالخدمات اللوجستية المرتبطة بالسكك الحديدية، ومن المرتقب أن تشمل الاستثمارات أيضا التطوير المستقبلي لمنطقة اقتصادية خاصة وقطاع الخدمات اللوجستية الأوسع للميناء، مما سيعزز دور تنزانيا وتأثيرها على مستقبل التجارة العالمية.
- سوف يوفر هذا التطوير فرصًا تجارية للمنطقة، وسيربط شرق أفريقيا ومنطقة أفريقيا جنوب الصحراء بالأسواق العالمية، وسيعزز النمو الاقتصادي، إضافة إلى توليد فرص العمل وتقوية إمكانات الوصول إلى المنتجات والخدمات، وخلق القيمة لجميع أصحاب المصلحة.
- يمثل توقيع اتفاقية الامتياز بين حكومة تنزانيا ومجموعة موانئ دبي العالمية تطوراً بالغ الأهمية، باعتباره إنجازا آخر في مسيرة بناء البنية التحتية الأفضل في تنزانيا ضمن إطار نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
- سيخلق المشروع مع مجموعة موانئ دبي العالمية في تحديث الميناء الاستراتيجي بدار السلام، قيمة كبيرة للمستخدمين النهائيين، كما سيساعد الحكومة على تحقيق هدفها المتمثل في خفض التكاليف اللوجستية.
- تحسين القدرات اللوجستية للميناء في إطار خطة تطوير مرافق البنية التحتية وخدمات الدعم اللوجستي بالميناء، باعتباره بوابة لتجارة جنوب وشرق إفريقيا، وربطه بالأسواق العالمية بالاستفادة من الخبرات الإماراتية التي مكّنت الدولة من احتلال المرتبة الأولى عربيًّا وإفريقيًّا في مؤشر الأداء اللوجستي Logistic performance Index الصادر عن البنك الدولي لعام 2023 والثانية عشرة عالميًّا ضمن 139 دولة، كما احتلت موانئ الإمارات المرتبة 11 في قائمة أفضل 100 ميناء بالعالم عام 2022.
موزمبيق
توصلت موانئ دبي العالمية إلى اتفاق مع حكومة موزمبيق لتمديد امتياز شركة موانئ دبي لميناء مابوتو حتى عام 2033، مع خيار تجديده لمدة 10 سنوات أخرى. وسيحل هذا الامتياز محل اتفاق سابق انتهت مدته وتولّت بموجبه موانئ دبي العالمية بتشغيل المحطة بين عامي 2008 و 2018.
الخلاصة
إن عمليات الاستحواذ التي قامت بها شركة “موانئ دبي العالمية”، تعكس طموح الإمارات في امتلاك معظم سلسلة القيمة -البنية التحتية والطرق والموانئ للحصول على أكبر قدر من النفوذ. وفي الواقع، لم تعد “موانئ دبي العالمية” تستثمر فقط على طول الواجهة البحرية، فهي تقوم أيضا بتشغيل الموانئ الجافة في جنوب أفريقيا ورواندا. ولذلك تعتبر شركة موانىء دبي أحد أهم الأزرع الاقتصادية لدولة الإمارات والتي تستطيع من خلالها تحويل قدراتها المالية وخبرتها في هذا المجال إلى نفوذ جيواقتصادي وجيوسياسي في بعض دول القارة الأفريقية التي هي بحاجة فعلية لمثل هذه الإستثمارات الضخمة طالما تحقق منفعة متبادلة.
ويظل التحدي الأساسي أمام هذه العملية الواسعة من التوسع من جانب شركة موانىء دبي في أفريقيا هو كيفية الفصل بين المسار الاستثماري وأي مسارات أخرى قد تكون لها أبعاد ضارة بالإستثمار والتنمية كما جرى مع الحالة في جيبوتي في 2018 وكذلك مع الصومال.