مركز السلام للدراسات الاستراتيجية
  • الرئيسية
  • عن المركز
    • عن المركز
    • فريق العمل
  • البرامج البحثية
    • برنامج دراسات الحرب والنزاعات
    • برنامج دراسات السلام والأمن الإنساني
    • برنامج دراسات الفكر الإستراتيجي
    • برنامج دراسات الأمن الإقليمي
    • برنامج دراسات القانون والمنظمات
    • برنامج عين على الاتجاهات الاستراتيجية
  • إصدارات المركز
    • مرصد المعلومات
    • مرصد السلام الإقليمي
    • مجلة دراسات السلام والاستراتيجية
    • التقرير الاستراتيجي السنوي
  • تواصل معنا
  • العربية
اخترنا لك

الجزائر وإدارة التفاعلات الإقليمية الراهنة الفرص والتحديات

مايو 4, 2025بواسطة مركز السلام

العدالة بين القانون والسياسة: قراءة في المواقف المناهضة للنظام الجنائي الدولي دراسة حالة ل ” جمهورية المجر”

أبريل 29, 2025بواسطة مركز السلام

اليوم التالي في الضفة الغربية التخطيط الإسرائيلي لإعادة هندسة واقع المخيمات

أبريل 9, 2025بواسطة مركز السلام
فيسبوك تويتر الانستغرام
مركز السلام للدراسات الاستراتيجيةمركز السلام للدراسات الاستراتيجية
  • الرئيسية
  • عن المركز
    • عن المركز
    • فريق العمل
  • البرامج البحثية
    • برنامج دراسات الحرب والنزاعات
    • برنامج دراسات السلام والأمن الإنساني
    • برنامج دراسات الفكر الإستراتيجي
    • برنامج دراسات الأمن الإقليمي
    • برنامج دراسات القانون والمنظمات
    • برنامج عين على الاتجاهات الاستراتيجية
  • إصدارات المركز
    • مرصد المعلومات
    • مرصد السلام الإقليمي
    • مجلة دراسات السلام والاستراتيجية
    • التقرير الاستراتيجي السنوي
  • تواصل معنا
  • العربية
فيسبوك تويتر الانستغرام يوتيوب
الخميس, مايو 22
مركز السلام للدراسات الاستراتيجية
أرشيف تحليلات ودراسات

الجزائر وإدارة التفاعلات الإقليمية الراهنة الفرص والتحديات

مركز السلاممركز السلاممايو 4, 202516 دقائق
شاركها
فيسبوك تويتر لينكدإن بينتيريست البريد الإلكتروني

إعداد: أستاذ محمد بوبوش

أستاذ العلاقات الدولية-جامعة محمد الأول-وجدة-المغرب

تقديم:

في إطار اهتمام مركز السلام للدراسات الإستراتيجية بتغطية التفاعلات السياسية والأمنية في منطقة المغرب العربي، ومحاولة فهم طبيعة السياسات الخاصة بكل دولة من دول هذا الإقليم، نركز في هذا التحليل على استعراض الموقف الراهن بالنسبة للتعامل الجزائري مع بعض التحديات أو المشكلات الموجودة في محيطها المباشر وغير المباشر، رغبةً في مزيد من الفهم للسياسة الجزائرية الإقليمية، التي شهدت عدة تغيرات خلال السنوات القليلة الماضية ، فمن الحديث عن تصفير المشكلات مع دول الجوار في وقت من الأوقات، إلى العودة مرة أخرى عن هذه السياسة ، بفعل ضغوطات الإقليم المضطرب وبعض التحولات التي شهدتها دول الجوار خاصة مجموعة دول الساحل والصحراء، وإستمرار إشكالية إدارة العلاقات مع فرنسا ( المستعمر القديم) ، وعوامل أخرى سنتعرض لها في هذا التحليل.

الجزائر من منظور الجيواستراتيجي:

تشير ثوابت التحليل الاستراتيجي إلى أن الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية من الدول المحورية الهامة في بعض دوائر الأمن الإقليمي التي تنتمي إليها ، خاصة في محيط الجوار المباشر لها ، ببعديه العربي والأفريقي ، كما نلمس لها حضوراً في الدوائر الأبعد عنها ممثلة في دول جنوب غرب أوروبا المطلة على السواحل الشمالية للبحر المتوسط مثل أسبانيا وفرنسا وإيطاليا، ربما بحكم الاقتراب الجغرافي أيضاً، وكذلك التواجد البشري الجزائري في هذه الدول وحجم تأثيره النخبوي وكذلك تأثيره النشط على مستوى الشارع السياسي الأوروبي، بالإضافة لما تملكه الجزائر من موارد مهمة لهذه الدول خاصة في مجال الطاقة والغاز وغيرها.
تتحرك الجزائر استراتيجياً كطائر بجناحين، يحلق بجناحه الأول في العالم العربي بفضاءه السياسي والجغرافي الممتد من المحيط الأطلسي غرباً لدول الخليج العربية والعراق شرقاً، كما أن لها اشتباكات مع تفاعلات مناطق الوسط/ القلب العربي كما في سوريا ولبنان والأردن ومعها قضية الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتأكيد مع مصر التي تقع في منتصف جميع هذه الخطوط والتفاعلات بحكم ثقلها الاستراتيجي وموقعها في قلب الجغرافيا السياسية العربية، بينما يحلق الجناح الثاني للسياسة الجزائرية في الفضاء الأفريقي، خاصة في دول منطقة الساحل ( مالي – النيجر – تشاد – موريتانيا – بوركينافاسو) التي تشتبك مع بعضها في حدود مباشرة، وتتداخل معها ديمغرافياً وحضارياً واقتصادياً ، وكذلك من ناحية تقاسم بعض الموارد المشتركة مثل المياة وغيرها.
ومما ساعد الجزائر على الإنتقال والتحرك من نطاق إقليمي إلى أخر هو موقعها الجيواستراتيجي الذي مكنها من القدرة على الإشتباك والتداخل مع خطوط التفاعلات في أكثر من منطقة أو نطاق جيوسياسي ، فهي من ناحية دولة عربية مهمة ولها ثقلها على مستوى التفاعلات العربية منذ استقلالها وإلى اليوم، وبرز ذلك في أكثر من ملف قد يكون من بينها الملف الليبي والملف الفلسطيني أحياناً، كما برزت كدولة مهمة أثناء تفاعلات ما سمي “بالثورات العربية” خاصة في تونس وليبيا، باعتبارها دولة جوار مباشر أيضاً ، وبحكم قدرتها على التأثير في مثل هذه التفاعلات السياسية والأمنية، بالإضافة لكونها من الدول المهمة في رسم السياسة الأفريقية الجماعية بشكل عام من خلال الإتحاد الأفريقي ومن قبله منظمة الوحدة الأفريقية، ودورها الذي لا يمكن تجاهله في رسم التفاعلات في منطقة الساحل والصحراء بشكل خاص.
ولا شك أن موقعاً كهذا، بقدر ما يخلق للجزائر من فرص، بقدر ما يخلق لها من تحديات أو ضغوطات من المحيط الإقليمي، خاصة في حال افتقد هذا المحيط المجاور لعوامل الإنسجام السياسي بين أطرافه، وغابت أطر التعاون المختلفة الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها، ويتعقد الوضع أكثر مع وجود أزمات تاريخية تستعصي على الحل، تفاقمها تدخلات خارجية سلبية، تعمل على استغلال التناقضات في هذه المنطقة وتحويلها لنقاط ضعف، يمكن النفاذ عبرها لإحكام السيطرة على هذه الدول ومواردها .

المشكلات المحيطة بالجوار الجزائري:

تتعامل الجزائر في الوقت الراهن ( منتصف عام 2025 تقريبا) مع بعض الأزمات في جوارها الجغرافي، وذلك ضمن سياق إقليمي متوتر تعيشه منطقة الساحل والصحراء بغرب أفريقيا بشكل عام منذ 2011 وحتى اليوم، وتصاعدت حدتها منذ ما عرف بموجه الإنقلابات العسكرية في تلك المنطقة التي بدأت في 2021 ، في واحدة من أهم دول الجوار للجزائر وهي مالي وما صحبها من تبعات كثيرة محلياً وأقليمياً ودولياً، وصولا لما حدث فيما بعد في تشاد والنيجر وبوركينافاسو وبعض التطورات في موريتانيا والجابون وبعض دول مجموعة ” الإيكواس” دول المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا.
كما تتعامل الجزائر كذلك كقوة إقليمية مع تحولات أكبر تحدث في هذه المنطقة في جغرافيا البحث عن النفوذ والتموقع، وربما إعادة الإنتشار من طرف العديد من اللاعبين الدوليين، خاصة فرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة وبعض الدول الأوربية الأخرى ( خاصة إيطاليا وألمانيا وأسبانيا) التي تبحث هي الأخرى عن موطء قدم لها في هذه المنطقة الغنية بمواردها ، القريبة من أوروبا بمشكلاتها وتبعاتها الأمنية تحديداً ( مشاكل المهاجرين والهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط) ، فخريطة التحالفات للعديد من القوى الكبرى السابق ذكرها يعاد تشكيلها مع المراكز الإقليمية القوية أو المهمة في منطقة الساحل ، ما بين الجزائر والمغرب باعتبارهما أكبر قوتين إقليميتين ضمن معادلة التوازن الإقليمي في منطقة المغرب العربي والساحل الأفريقي.
من ناحية أخرى، لا تزال علاقات الجزائر بفرنسا ( المستعمر القديم) تشكل إشكالية حاضرة للسياسة الجزائرية منذ الإستقلال وإلى اليوم، بفعل عوامل كثيرة قد لا يتسع المجال للدخول في تفاصيلها في هذا التحليل، لعل أهمها وأبرزها استمرار النظرة القديمة للمستعمر بشأن ما كان يطلق عليه الأراضي أو الأقاليم الفرنسية أو المستعمرات الفرنسية السابقة، وعدم تقبل فرنسا لفكرة أن تتعامل معها الجزائر بندية، بالإضافة للسياسة الفرنسية في دول الجوار الجزائري والتي تراها الجزائر ضارة بأمنها القومي، لذلك فإن الأزمات الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر والتي تتكرر بين الحين والأخر ليست مجرد توتر عابر، بل هي تعبير عن تحول بنيوي في هيكل وأطر العلاقات الأوروبية-دول المنطقة المغاربية بشكل عام ومنها الجزائر، وتعكس صراعات الذاكرة، تباينات المصالح، وتغير موازين القوى.

الجزائر وحصاد مفهوم “تصفير المشكلات” :

كان من بين التغيرات والمفاهيم التي طرحتها حقبة الرئيس عبد المجيد تبون منذ توليه السلطة في نهاية 2019 مفهوم حل المشكلات التقليدية المحيطة بالجزائر ومنها مشكلة الصحراء مع المغرب، ومشاكل الحدود مع مالي وليبيا، وطُرح في حينه رؤى اُعتبرت تقدميه من جانب القيادة الجزائرية، عندما اعتبر مشكلة الصحراء هي مشكلة تصفية أرث الإستعمار ويجب أن تحل عبر الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وينبغي ألا تؤثر على علاقات الجزائر بالمغرب، كذلك مسألة تنشيط دور الجزائر على مستوى القارة الأفريقية بالمشاركة بقوات حفظ سلام من تسوية بعض الأزمات بالقارة، وتنشيط دور الجزائر في الملف الليبي والمالي تحديداً بالتركيز على المقاربات السياسية ومحاولات الوساطة، غير أنه بعد مرور خمس سنوات تقريبا يمكن القول أن الجزائر لم تنجح بشكل كامل في تصفير المشكلات، بسبب تعقيدات الملفات المختلفة وتعدد الفاعلين بكل ملف محلياً وإقليمياً ودولياً، وترابطها السياسي والاقتصادي العميق مع تعقيدات الداخل الجزائري أيضاً.
فعلى سبيل المثال عادت الأزمة السياسية بين مالي والجزائر إلى الساحة من جديد، فبرغم كون البلدين متجاورتين وتشتركان في حدود برية تصل إلى 1359 كيلومترا، وتجمع بينهما العديد من الروابط الديمغرافية والإثنية والعرقية، ورؤية مشتركة لبعض التحديات ، إلا أنه لم يكن من المتوقع أن يصلا إلى مرحلة إغلاق الأجواء بسبب حوادث تعتبر هامشية بمنطق المصالح والعلاقات المشتركة، ولكن الخلاف جاء مدفوعا بخلفيات من التوتر وتباين المواقف حول العديد من القضايا المحلية والإقليمية، وتطوّرت مظاهر المواجهة غير المسبوقة بين الجزائر وبعض دول الجوار من منطقة الساحل، خلال الأيام الأخيرة، باستدعاء السفراء، وتبادل إغلاق الأجواء أمام الطيران، واتهامات حادة بين الطرفين من خلال بيانات رسمية، وتصاعد في الخطاب وصل إلى التهديد.

أولا: فقدان دور الوسيط في ملف مالي :

في عام 2023، اندلعت اشتباكات في شمال مالي بين الجيش النظامي المدعوم من قوات فاغنر، والحركات الأزوادية إلى جانب بعض الجماعات المسلحة، وكانت هذه المواجهات إيذاناً بتحول أو تغيير في شكل العلاقات الجزائرية مع مالي، فالجزائر التي طرحت نفسها في الماضي كوسيط في الصراع الأهلي داخل مالي، الآن دخلت على خط المواجهة وأصبحت متهمة من جانب الحكومة المالية بدعم حركات إنفصالية داخل مالي.
غني عن الذكر أن الجزائر قد لعبت دوراً رئيسياً، إلى جانب دعم أمريكي وفرنسي، في توقيع الحكومة المالية اتفاق سلام مع المتمردين عام 2015 بعد أشهر من مفاوضات شاقة. وشاركت جلّ الحركات التي تمثل الطوارق في الاتفاق، لإنهاء حالة العنف التي بلغت أوجها عام 2012، وأعلن على إثرها المتمردون في إقليم أزواد، شمال مالي، انفصال الإقليم لمدة وجيزة، دون أن ينال أيّ اعتراف. وساهم اتفاق عام 2015 في تهدئة الوضع، خصوصا إثر اعتراف الحكومة المالية بخصوصية الإقليم الشمالي الذي يقطنه الطوارق، وهم مجموعة عرقية من أصول أمازيغية، فضلاً عن تطبيق اللا مركزية، وتنمية المنطقة الشمالية، والتحقيق في الانتهاكات التي وقعت في الإقليم، والعفو العام عن عدة شخصيات من الطوارق.
شهدت الفترة الأخيرة عودة لمستوى مرتفع من التوتر بين البلدين، الذي انتقل للساحة العلنية عبر التصريحات الرسمية بل وبعض الإجراءات التصعيدية على المستوى السياسي، مثل استدعاء السفراء. ورغم كون التوتر الحالي إمتداداً لسلسلة من الخلافات بين البلدين على مدى السنتين الماضيتين، حيث تم استدعاء السفراء في شهر ديسمبر عام 2023.
من جانبها تتهم جارتها الجزائر بأن لها علاقات مع مجموعات إرهابية في حدودها، ما جعل الحكومة العسكرية تتكبد خسائر في صراعها معهم، وهذه التحركات أثارت استياء المجلس العسكري الحاكم في مالي، الذي عبّر عن غضبه واتهم الجزائر بانتهاج سلوك عدائي تجاه بلاده. وأعلن المجلس العسكري المالي في نهاية شهر يناير من العام 2024 “إنهاء” اتفاق السلام الذي وقّع في الجزائر عام 2015 حيث لعبت فيه وسيطاً لإنهاء القتال بين الانفصاليين والحكومة المالية آنذاك. وسبق وزير الدولة المتحدث باسم الحكومة المالية، عبد اللاي مايغا، أن انتقد المسؤولين الجزائريين بشدة، في 29 سبتمبر 2024، خلال تدخله في الجمعية العامة للأمم المتحدة. واستهدف بشكل خاص وزير الخارجية عطاف، وسفير الجزائر لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع، وقال إن بلدهما “يؤوي إرهابيين”، في إشارة إلى المعارضين.
بينما اعتبرت الجزائر أن هذه الاتهامات تفتقر إلى الجدية إلى درجة أنها لا تستدعي الالتفات إليها أو الرد عليها، غير أن هناك بعض الحوادث التي بدأت تخرج للعلن وتعكس حالة التوتر بين البلدين ، حيث أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية عن إسقاط “طائرة استطلاع بدون طيار مسلحة” في منتصف ليل الأول من أبريل 2025 في منطقة تيزاواتين قرب الحدود مع مالي “بعد اختراقها المجال الجوي لمسافة 2 كيلومتر”. وذكرت وزارة الخارجية الجزائرية أن “انتهاك المجال الجوي الجزائري من قبل طائرة مالية بدون طيار ليس الأول من نوعه، فقد سُجلت ما لا تقل عن حالتين مُماثلتين في غضون الأشهر القليلة الماضية”. بعيد صدور بيان الخارجية، أعلنت الجزائر إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات القادمة من مالي والمتوجهة إليها، وبررت وزارة الدفاع القرار بـ”الاختراق المتكرر من طرف دولة مالي لمجالنا الجوي”.
بينما أوردت الخارجية المالية في بيان أن “المسافة بين نقطة انقطاع الاتصال بالطائرة وموقع الحطام تبلغ 441 مترا. وتقع هاتان النقطتان على الأراضي الوطنية”، مضيفة أن الطائرة “سقطت عموديا، وهو ما لا يُفسّر على الأرجح إلا بكونه عملا عدائيا ناجما عن نيران صواريخ أرض-جو أو جو-جو”. وأضافت أنه بعد إجراء تحقيق “خلصت مالي إلى أن الطائرة بلا طيار دُمّرت نتيجة عمل عدائي متعمّد من الجزائر”.
وتعكس الأحداث الجارية في جنوب الجزائر والمناطق الحدودية حالة من الهشاشة الأمنية تتوافق مع التحذيرات الواردة في تقارير دولية حول وجود تهديدات أمنية كبيرة في المنطقة. وينبع قلق الجزائر من احتمال امتداد الاضطرابات والتوترات إلى حدودها الجنوبية، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش المالي ضد الحركات الأزوادية في شمال مالي. وتواجه الجزائر تحديًا أمنيًا معقدًا على حدودها الجنوبية مع دول الساحل، التي تشهد حراكًا نحو التخلص من النفوذ الخارجي. وقد تحولت مدينة تينزواتين الحدودية إلى نقطة محورية في الصراعات الإقليمية، وذلك لتصاعد نشاط الحركات الانفصالية والمواجهات المسلحة. ويزيد من تعقيد الوضع ضعف التنسيق الأمني بين الجزائر ومالي، حيث تتبادل الدولتان اتهامات بشأن دعم أطراف الصراع، إذ تتهم مالي الجزائر بدعم تنظيمات مسلحة منافسة لداعش، في سياق سعي الجزائر للحفاظ على نفوذها في المنطقة الجنوبية.
ويبدو أن الأوضاع الأمنية في منطقة الساحل والصحراء بدأت تشكل هاجس أمني للجزائر وهو ما ظهر في الإحاطة التي قدمها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في جلسة لمجلس الأمن الدولي حول المنطقة في يناير 2025، حيث ذكر أن منطقة الساحل الصحراوي تعرضت خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024 لأكثر من 3.200 هجوم إرهابي، أودى بحياة أكثر من 13.000 شخص”.

ثانياً : توتير العلاقات الجزائرية مع دول مجموعة الإيكواس:

تفاقمت حدة الخلافات بين الجزائر ودول تحالف الساحل (مالي، النيجر وبوركينافاسو)، على خلفية التوتر الذي حصل بين الجزائر ومالي بسبب إسقاط الطائرة المسيرة . فالرواية الجزائرية للحادث والتي فندتها السلطات المالية التي وصفت العملية بـ”العدائية”، أدت إلى إعلان مالي والنيجر وبوركينا فاسو في بيان مشترك أن “هيئة رؤساء تجمّع دول الساحل قرّرت استدعاء سفراء الدول الأعضاء المعتمدين في الجزائر، للتشاور” وذلك بحكم أن المجال الكونفدرالي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو موحدا للعمليات واصدروا بياناً مشتركاً وصف التصرف الجزائري بإسقاط الطائرة بـ”التصرف غير المسؤول للنظام الجزائري”. واضطرت الجزائر إلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل واستدعاء سفيريها في مالي والنيجر وتأجيل تولي سفيرها الجديد في بوركينا فاسو لمهامه.
بعد ثلاثة أيام على هذا القرار، أعلنت مالي إلى جانب بوركينا فاسو والنيجر، انسحابها بمفعول فوري من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، بمبرّر أن هذه المجموعة “تخون مبادئها التأسيسية وباتت تشكل تهديداً لدولها الأعضاء وشعوبها، وهي تحت تأثير قوى أجنبية”.

ثالثاً: انهيار جهود تطبيع العلاقات مع فرنسا :

تشهد العلاقات بين الجزائر وفرنسا توتراً حاداً منذ صيف 2024، وذلك عقب إعلان باريس اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. وقد ازدادت هذه التوترات حدةً مع مرور الوقت، نتيجة لسلسلة من الأحداث المتعلقة بالهجرة، وفترة الاستعمار، ووجود معارضين جزائريين في فرنسا، مما يعكس صعوبة كبيرة يواجهها البلدان في إقامة علاقات طبيعية. ومما زاد الطين بلة، اعتقال دبلوماسي جزائري في فرنسا.
اندلعت أزمة دبلوماسية جديدة بين فرنسا والجزائر بعد قيام الشرطة الفرنسية باعتقال أحد أعضاء القنصلية الجزائرية في مدينة كريتاي (Créteil)، وذلك على خلفية اتهامه بالضلوع في اختطاف المعارض الجزائري أمير بوخرص. جاء هذا التوقيف في إطار تحقيق قضائي مستقل، لكنه أثار غضب السلطات الجزائرية التي رأت فيه انتهاكًا صريحًا للحصانة الدبلوماسية وخروجًا على الأعراف الدولية المتبعة.
واعتبرت الجزائر أن هذا الإجراء تصعيدًا عدائيًا يهدد مسار التقارب الذي بدأ بعد الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والجزائري عبد المجيد تبون في نهاية مارس 2025. كما وصفت التوقيف بأنه سابقة خطيرة قد تؤثر على استقرار العلاقات الثنائية وتؤجج التوتر بين البلدين، خاصة أن فرنسا لم تقم بإخطار الجزائر مسبقًا عبر القنوات الدبلوماسية المعتادة، مما خلف صدمة سياسية في الجزائر وأثار شكوكًا حول دوافع باريس الحقيقية.
من بين أسباب الأزمة الدبلوماسية التي نشبت في الشهور الأخيرة بين الجزائر وفرنسا، ترجع إلى رفض الجزائر التعاون مع باريس في مسألة استقبال مواطنيها الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم لأسباب مختلفة، وقد تصدر الجزائريون قائمة المهاجرين غير النظاميين الذين صدرت بحقهم أوامر مغادرة من دول الاتحاد الأوروبي خلال الربع الأخير من عام 2024، حيث بلغ عددهم 11,362 شخصا، والمغاربة (8,561 شخصا). ومن حيث توزيع أوامر الطرد على دول الاتحاد الأوروبي، فقد جاءت فرنسا في الصدارة بـ 31,880 أمرا، تلتها إسبانيا بـ 18,645 أمرا، ثم ألمانيا بـ 15,135 أمرا، وغالبية أوامر الطرد التي أصدرتها فرنسا تتعلق بالمهاجرين الجزائريين.
وقدمت الداخلية الفرنسية للجزائر قائمة تضم أسماء “مئات” من الرعايا الجزائريين ذوي “الملفات الخطيرة” ترغب باريس في إعادتهم إلى بلادهم. وتعتبرهم بأنهم يشكلون خطرا على الأمن الفرنسي وذلك من أجل إعادتهم للجزائر.
كما تواجه السلطات الجزائرية انتقادات واسعة بشأن تقييد حرية التعبير، والتي تصاعدت حدتها إثر استيقاف الكاتب الجزائري-الفرنسي بوعلام صنصال في منتصف نوفمبر 2024 لدى وصوله إلى مطار هواري بومدين بالعاصمة الجزائرية.أثار توقيف صنصال أزمة دبلوماسية جديدة بين الجزائر وفرنسا، حيث كثّفت الأخيرة انتقاداتها للسلطات الجزائرية، بينما ردّ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون باتهام الكاتب بـ”التزييف” ووصفه بـ”المبعوث من فرنسا”، مما زاد من توتر العلاقات الثنائية بين البلدين.
وفي إطار توتر دبلوماسي متزايد بين باريس والجزائر، طردت الأخيرة 12 عنصرًا أمنيًا فرنسيًا يعملون في ملفات حساسة ضمن طاقم السفارة الفرنسية ردا على توقيف ثلاثة جزائريين في فرنسا يعمل أحدهم في قنصلية جزائرية لدى فرنسا للاشتباه في ضلوعهم في اختطاف اللاجئ السياسي أمير بوخرص نهاية أبريل 2024 على الأراضي الفرنسية.

رابعاً: الجزائر وتحديات البيئة الاستراتيجية الإقليمية :

من الواضح أن توتير البيئة الإقليمية المحيطة بالجزائر من كل الإتجاهات، خاصة فيما يتعلق بالبعد الأفريقي ممثلاً في نقطة إرتكازه وهي منطقة الساحل والصحراء، تشكل تحدي كبير ليس فقط للأمن القومي الجزائري بل للأمن الإقليمي بهذه المنطقة بشكل عام ، ونذكر أبرز هذه التداعيات فيما يلي:
تجميد الجهود العسكرية المشتركة في محاربة الإرهاب. أنشئت لجنة العمليات المشتركة لرؤساء أركان جيوش الساحل في 2010 بتمنراست، نقطة ارتكاز الجزائر نحو منطقة الساحل الأفريقي، تبعها تشكيل “لجنة استخبارات مشتركة” لجمع وتحليل المعلومات حول تحركات التنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وحلفاؤها مثل “حركة أنصار الدين”. إلا أن خبراء الأمن الإقليميين يتفقون على غياب تأثير ميداني ملموس لهذه “اللجنة” التي استضافت الجزائر مقراتها، لا سيما في ظل التزايد الملحوظ لنشاط المتطرفين في السنوات الأخيرة، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى ضعف التنسيق بين الدول الأعضاء في هذا الإطار المشترك، مما حال دون تحقيق الأهداف التي أعلنت عند تأسيسها، ويفاقم هذا الخلاف الكبير بين الجزائر وباقي دول المجموعة الممثلة للساحل والصحراء من تبعات هذا الأمر مع توقع جمود أي مجال متعدد الأطراف للتعاون الأمني في المنطقة.

ترتيب الأولويات الفرنسية في الفضاء المغاربي :

من المحتمل أن يؤدي هذا التصعيد سواء بين الجزائر ودول مجموعة الإيكواس أو بين الجزائر وفرنسا إلى إعادة ترتيب بعض الأولويات الاستراتيجية في الفضاء المغاربي، وقد ينعكس بشكل مباشر على توازنات النفوذ في المنطقة، في صورة ضغووط فرنسية متزايدة على الجزائر . رداً على الإجراءات الجزائرية، اتخذت باريس خطوات تصعيدية تمثلت في طرد اثني عشر موظفاً من الشبكة القنصلية والدبلوماسية الجزائرية في فرنسا، واستدعاء سفيرها لدى الجزائر “ستيفان روماتيه” للتشاور. ، من المرجح أن تتبنى باريس خطوات إضافية لزيادة الضغط على الجزائر، وتهدف هذه الإجراءات إلى إعادة بناء معادلة قوة جديدة تتيح لفرنسا استعادة جزء من أدواتها التفاوضية مع الجزائر، من هذه الإجراءات المحتملة ما يلي:

  • فرض عقوبات مالية على الخطوط الجوية الجزائرية.
  • تشديد القيود على منح تأشيرات الدخول لكبار الشخصيات العسكرية والسياسية الجزائرية.
  • تعزيز الرقابة على الخطوط البحرية.
  • استدعاء القناصل العامين الجزائريين لإعادة تقييم العلاقات القنصلية.

تآكل النفوذ الفرنسي في الجزائر:
فرنسا تعاني من تراجع غير مسبوق في قدرتها على التأثير في النخبة السياسية الجزائرية. منذ 2019، حيث اختار النظام الجزائري تنويع شراكاته الدولية، ما انعكس في تقارب أكبر مع الصين وروسيا وتركيا.

فراغ في الوساطة الإقليمية:
فرنسا كانت تاريخياً فاعلاً وسيطاً في العلاقات المغاربية، وسيؤدي تدهور علاقاتها مع الجزائر إلى إضعاف قدرتها على لعب هذا الدور، ما يفتح المجال أمام فاعلين جدد مثل إيطاليا وإسبانيا.

تعطيل التنسيق العسكري والاستخباراتي في الساحل:
الجزائر تملك نفوذاً محورياً في منطقة الساحل. وقف التعاون العسكري مع فرنسا أضعف فعالية العمليات ضد الجماعات المسلحة، خاصة بعد انسحاب باريس من مالي 2022. يمثل طرد الجزائر لاثني عشر عنصراً أمنياً فرنسياً نقلة نوعية في مسار التصعيد. هؤلاء لم يكونوا مجرد موظفين إداريين، بل يشكلون ما يُعرف داخل وزارة الداخلية الفرنسية بـ”الخبراء الميدانيين”، المكلفين بإدارة ملفات بالغة الحساسية مرتبطة بمكافحة الإرهاب، ورصد شبكات الجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية في منطقة المغرب العربي. وقد أشارت مصادر مطلعة إلى أن بعض هؤلاء الضباط يمتلكون قدرات لغوية متقدمة في العربية، وخضعوا لتدريبات خاصة للعمل في بيئات ثقافية وأمنية معقدة.

تعطيل المشاريع الاستثمارية الفرنسية:
نتيجة للتوترات المتكررة بين فرنسا والجزائر تواجه عدد من الشركات الفرنسية صعوبات في الجزائر، مثل “رونو” و”توتال إنرجي”، نتيجة عراقيل بيروقراطية وردود فعل سياسية، حيث استوردت فرنسا 3.26 مليون طن من الغاز الجزائري المسال المصدر في 2024، متجاوزة بذلك حصة إسبانيا وإيطاليا وهو ما يؤثر بلا شك على العلاقات الاقتصادية بين البلدين وكذلك الاستثمارات الأجنبية والفرنسية تحديداً داخل الجزائر ، حيث تعتبر الجزائر ثاني أهم سوق للمبيعات الفرنسية في أفريقيا، تحتل فرنسا المرتبة الثانية في قائمة الموردين إلى الجزائر بعد الصين، بينما يعد مركز الثقل الأساسي للإسثمارات الفرنسية في الجزائر في قطاع الطاقة، إذ توفر منشآتها زهاء 40 ألف وظيفة مباشرة و100 ألف وظيفة غير مباشرة، إضافة إلى استثمارات في قطاع الخدمات والبنوك والنقل والطاقة الكهربائية والزراعة.

الخاتمة:

من الواضح أن الجزائر تواجه بعض التحديات على مستوى جوارها المباشر خاصة مع مجموعة دول الساحل والصحراء، بالإضافة لعودة التوتر مع فرنسا مرة أخرى، وهو ما يجعل البيئة الاستراتيجية الجزائرية في مناخ عدم اليقين، نتيجة احتمالات عديدة لحدوث انتكاسات مضاعفة في علاقات الجزائر بفرنسا ، وكذلك بعلاقات الجزائر بدول الايكواس، ما لم تتحرك الدبلوماسية الجزائرية بحذر ويقظة لإستيعاب هذه التطورات السلبية، والتي تراكمت في توقيتات متزامنة تقريبا.
وفي هذا الخصوص نوصي بالتحسب لمسألة ضعف أو تجميد جهود التعاون الأمني والاستخباراتي بين دول المغرب العربي ودول الساحل، والذي تفاقم بعد طرد عدد من الخبراء الأمنيين الفرنسيين أصحاب الخبرة في مجال مكافحة الإرهاب، مع أهمية تنشيط لجنة الاستخبارات الأفريقية المشتركة للقيام بمزيد من الجهد لمتابعة حركة النشاط الإرهابي وجماعات الجريمة المنظمة المتنقلة بين جميع دول هذه المنطقة.

شاركها. فيسبوك تويتر بينتيريست لينكدإن البريد الإلكتروني تيلقرام واتساب
Avatar
مركز السلام

إقرأ أيضاً

العدالة بين القانون والسياسة: قراءة في المواقف المناهضة للنظام الجنائي الدولي دراسة حالة ل ” جمهورية المجر”

أبريل 29, 2025 أرشيف تحليلات ودراسات

اليوم التالي في الضفة الغربية التخطيط الإسرائيلي لإعادة هندسة واقع المخيمات

أبريل 9, 2025 أرشيف تحليلات ودراسات

القادمون الجدد للبوندستاغ: السياسة الألمانية بين الحفاظ على جدار الحماية من اليمين ومجابهة التحديات الأمنية في أوروبا

مارس 13, 2025 أرشيف تحليلات ودراسات
الأخيرة

الجزائر وإدارة التفاعلات الإقليمية الراهنة الفرص والتحديات

مايو 4, 2025بواسطة مركز السلام

العدالة بين القانون والسياسة: قراءة في المواقف المناهضة للنظام الجنائي الدولي دراسة حالة ل ” جمهورية المجر”

أبريل 29, 2025بواسطة مركز السلام

اليوم التالي في الضفة الغربية التخطيط الإسرائيلي لإعادة هندسة واقع المخيمات

أبريل 9, 2025بواسطة مركز السلام

القادمون الجدد للبوندستاغ: السياسة الألمانية بين الحفاظ على جدار الحماية من اليمين ومجابهة التحديات الأمنية في أوروبا

مارس 13, 2025بواسطة مركز السلام
تابعنا
  • Facebook
  • YouTube
  • TikTok
  • WhatsApp
  • Twitter
  • Instagram
الأكثر قراءة
عن المركز

مركز تفكير إقليمي مُستقل، تأسس في بدايات عام 2023م ، على يد مجموعة من الخبراء والمتخصصين، في مجال التحليل الاستراتيجي المُتقدم، ودراسات علم الاستراتيجية، مستمداً شعاره من "السلام" رمزاً للطمأنينة والأمان، ومجالاً للمحبة والاخاء، وجسراً للتسامح وتشجيع العيش المشترك.

فيسبوك تويتر الانستغرام
برامج المركز
  • برنامج دراسات الحرب والنزاعات
  • برنامج دراسات السلام والأمن الإنساني
  • برنامج دراسات الفكر الإستراتيجي
  • برنامج دراسات الأمن الإقليمي
  • برنامج دراسات القانون والمنظمات
إصدارات المركز
  • مرصد المعلومات
  • مرصد السلام الإقليمي
  • مجلة دراسات السلام والاستراتيجية
  • التقرير الاستراتيجي السنوي
كافة الحقوق محفوظة © 2025 مركز السلام للدراسات الاستراتيجية

اكتب كلمة البحث ثم اضغط على زر Enter

  • العربية