إعداد / د. أكرم حسام
رئيس مركز السلام للدراسات الاستراتيجية
تقديم:
بعد ثلاثة عشر عاماً من الصراع في سوريا، والذي اختلطت فيها الأحداث وتقاطعت المصالح للكثير من الفاعلين الإقليميين والدوليين، كانت سوريا صباح الأحد الموافق الثامن من ديسمبر 2024 على موعد مع التغيير الذي انتظره كثيرون داخل وخارج سوريا، حيث سقط نظام بشار الأسد الذي قاوم بعنف خلال السنوات الماضية، لكن هذا السقوط وذلك التغيير قد وصل متأخراً وحمل معه المجهول، واضعاً سوريا كلها على المحك ، وقد لا نبالغ إذ نقول أن هذا التغيير وضع المنطقة ككل على المحك، فاتحاً المجال أمام مخاطر عديدة قد تطول الدولة السورية وتمتد بتداعيات ومخاطر عديدة على الأمن الإقليمي.
إن التوصيف الدقيق لما حدث في سوريا هو أنه ” زلزال جيوسياسي” فهو ليس تغييراً سياسياً عادياً، ولا يمكن قياسه بحالات التغيير التي حدثت في دول أخرى كاليمن وليبيا وغيرها، إنما هو أقرب للزلزال الجيوسياسي الذي أحدثه سقوط العراق بعد عام 2003 ، والذي فتح أبواب الجحيم على المنطقة، سواء من جماعات متطرفة أو ميلشيات مسلحة ، أو تمكين دول إقليمية من التحرك بحرية في المنطقة كإيران وتركيا وإسرائيل وغيرها.
إن ما وضح من مؤشرات حتى وقت كتابة هذا السطور ، يجعلنا نعتقد بأن ما حدث لم يكن عملية تغيير سياسي بأيدى سورية خالصة، بل أنها كانت عملية مخططة، رسمت أهدافها في الخارج ونفذت بأيدي جماعات محسوبة على دول بعينها ، لذلك فأنها لم تكن أبداً فوراناً شعبياً على الظلم والاستبداد كما يدعون بل كانت ضمن مشروع اللعبة التدميرية الخطيرة التي تبنتها دول المنطقة تحت شعار المشروع الإسلامي منذ عام 2011م، ولسوء حظ المنطقة أن هذا المشروع تلاقى في أهدافه مع مشروع تدميري دولي وهو مشروع الفوضى الخلاقة الأمريكي ومشروع تغيير حقائق الجغرافيا الإسرائيلية ، وهذا كله تحت عنوان عريض وهو ” تغيير الشرق الأوسط ” .
رغم محاولات بعض الدول والقنوات الإخبارية التي تحمل مشاريع معروفة التبشير بسوريا الجديدة وتعويم المشروع السياسي للمجموعات التي قادت التغيير وتبييض وجوه قادة المجموعات المسلحة والتنظيمات المصنفة إرهابية ، إلا أن الصورة في حقيقتها قاتمة وضبابية، فسوريا بالفعل حالة معقدة للغاية من الداخل ، كما أن موقعها الاستراتيجي وأهميتها في معادلات الإقليمية والدولية، سيجعلها في مرمى المنافسة بين كل الفاعلين المؤثرين، الذين سيسعى كلا منهم لتثبيت مصالحه بالأساس، حتى لو كان ذلك على حساب سيادة ووحدة الدولة السورية. وهو ما يجعلنا نقول أن أداة التغيير التي استخدمت ستكون بمثابة ” حصان طراودة” لإسقاط الدولة السورية وإخراجها من معادلة التوازن الإقليمي، وتغير شكل التحالفات بالمنطقة وتغيير موزاين القوة لصالح إسرائيل وتمكينها من التوسع والسيطرة على مزيد من الأراضي والتخلص من أية تهديدات ضمن ما كان يسمى بدول النسق الأول والتي كانت سوريا من ضمنها .
أمام هذا التغيير الذي يحمل من المخاطر أكثر ما يحمل من الفرص، لابد أن نستدير وننظر على مصر ، أين هي من كل هذه الأحداث وكيف ستؤثر عليها وكيف ستتعامل معها، فسوريا ومنطقة الشام تاريخياً كانت جزءً من الدولة المصرية، وهي البوابة الشمالية الشرقية للأمن القومي المصري ، وجيشها الذي دمرته إسرائيل بعد سقوط النظام في سوريا كان من ضمن معادلة القوة والتوازن العسكري مع إسرائيل.
لقراءة الموضوع كاملاً: