إعداد
دكتور / أكرم حسام
مؤسس ورئيس مركز السلام للدراسات الإستراتيجية
تقديم:
بعد أن تنفس العالم ودول المنطقة الصعداء بقبول إيران وإسرائيل وقف إطلاق النار في الرابع والعشرين من يونيه الماضي 2025 ، عادت دائرة الخوف والقلق مرة أخرى من احتمال تجدد المواجهات بين الجانبين، في ظل اتفاق وقف إطلاق نار هش وقابل للكسر مع أول فرصة مواتية، ووفق تقديرات وحسابات كل طرف. ولا شك أن الحديث عن مواجهة عسكرية بين إيران وإسرائيل ليس بالأمر الهين على دول المنطقة وعلى الأمن الإقليمي والدولي، إذ أننا أمام قوتين كبيرتين لهما وزنهما الإستراتيجي والعسكري بالمنطقة، ودائرة واسعة من التحالفات والشركاء ، التي تجعل دوائر الاشتباك بينهما معقدة للغاية، وقد يصعب الفصل بينها، ويزداد الأمر صعوبة عندما نتحدث عن تصادم في المشاريع الإقليمية المتنافسة بالمنطقة.
هذا التصادم بدأ يعبر عن نفسه في صور وأشكال شتى ، وحتماً سيسفر عن معادلات قوة جديدة بالمنطقة وتغيرات قادمة في التوازنات بين هذه القوى الإقليمية المتنافسة. إن حدود هذه المنافسة والتصادم الذي نتحدث عنه ليس قاصراً فقط على إيران وإسرائيل، بل تتقاطع معها قوى فاعلة أخرى بالمنطقة أهمها تركيا ومصر وبعض دول الخليج، فكل هذه الدول جزء من مكونات المعادلة الإقليمية الحالية، وحتماً لها أدوار معينة فيما هو قادم، وحتماً ستتأثر بأي تغيير في قواعد اللعبة وحدود الأدوائر ومناطق الإشتباك.
إن حديث الحرب لا يعني أن طريق السياسة والسلام قد أغُلق، بل على العكس هناك حديث عن المسار الدبلوماسي والعودة القريبة لطاولة المفاوضات، بل هناك من ذهب بعيداً بالأماني والتفاؤل نحو الإعتقاد بوجود فرص حقيقية لتطبيع العلاقات بين إيران والولايات المتحدة ، وهناك من ذهب لما هو أبعد من ذلك بالحديث عن تطبيع تدريجي للعلاقات بين إيران وإسرائيل .
كل ذلك في عالم السياسة غير مستبعد، فكل الإحتمالات واردة، خاصة عندما نتحدث عن دول براجماتية، لديها قدرة على تطويع مواقفها وعمل الاستدارة الاستراتيجية في الوقت الذي تراه مناسباً ، مع عزل أي تاثيرات أخرى للعوامل الإيدلوجية والعاطفية.
تعطينا القراءة الأولية لمرحلة ما بعد الحرب بين إيران وإسرائيل صورة عامة – سنفصل لها لاحقاً – عن ما هو قادم، ومضمونها أن حديث الحرب يطغي على حديث السلام، فجولة الحرب الأخيرة لم تُرضي غرور بعض أطراف الحرب، كما أنها لم تنجح في كسر إرادة الطرف الأخر ، بل ربما على العكس أعطت الطرفين جولة حرب بدا فيها لكل طرف أنه المنتصر وفق حساباته، وهنا مكمن الخطورة. كما أن العقبات الموجودة في طريق الدبلوماسية باتت أكثر مما كانت عليه قبل هذه الحرب ، ومناخ المفاوضات نفسه تغير نحو أجواء من الشك وعدم الثقة بين الجانبين، وتعقدت القضايا التفاوضية بصورة أكبر.
أن مصر كدولة كبيرة ومركزية بالمنطقة معنية بكل هذه التطورات، ليس فقط من منظور المراقب لتفاعلات بعيدة عن ساحات أمنها القومي المباشر ، بل لكونها جزء واستكمال لتفاعلات سابقة شهدتها المنطقة منذ اكتوبر 2023م ، ولكونها أيضاً جزءً من تفاعلات قادمة ، قد يتغير معها شكل الشرق الأوسط بالفعل. لذلك نسعى في مركز السلام للدراسات الاستراتيجية لتقديم هذا التقييم الاستراتيجي للموقف في المنطقة بعد جولة الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل، بالتركيز على نمط التحليل الكلي للمعادلات الجاري تشكيلها على وقع نتائج هذه الحرب، وكيف ستنعكس هذه التطورات والمعادلات على مصالح الأمن القومي المصري.
لقراءة الموضوع كاملاً:
