إتجاهات التطرف المجتمعي وأبعاده وتأثيراته على القضية الفلسطينية
إعداد: د.حسام يونس
باحث فى العلوم السياسية – فلسطين
مقدمة
كشفت حرب غزة الحالية عن الوجه الحقيقي والشامل لتطرف الدولة في إسرائيل ومدى التحدي الواضح في كافة سلوكياتها للقانون الدولي، عبر القتل والتدمير والتجويع والحصار والتهجير القسري للفلسطينيين بشكل ممنهج ومتعمد، ولعل هذه السلوكيات ليست بجديدة على إسرائيل منذ نشأتها وحتى أثناء مراحل تأسيس الدولة، وسبق لها استخدامها في كافة حروبها السابقة مع العرب منذ 1948 وحتى اليوم، لكنها جاءت هذه المرة في أوضح صورها، موثقة بالصوت والصورة، كأول جريمة إبادة جماعية في التاريخ توثق على الأشهاد منذ يومها الأول وبكافة تفاصيلها ساعة بساعة ولحظة بلحظة. غير أن الوجه الآخر للتطرف الذي كشفته وقائع هذه الحرب هو تطرف المجتمع في إسرائيل، ممثلاً في ظهور مجموعات شبيبة التلال والذي نعتقد أنه الأكثر خطورة على كافة المستويات، فإسرائيل يتنامى داخلها توجهات ثيوقراطية متطرفة ستشكل تحدياً لسياسة الدولة القومية التي تحاول أن تبدو ديمقراطية أمام العالم، وهذه التوجهات الدينية المتطرفة بدأت تتغلغل في دوائر السياسة الإسرائيلية وفي الجيش بما ينبأ بتغيرات قادمة في أفكار الهيمنة والبطش وأفكار الاستحواذ على أراضي الغير، سواء كان الغير هذا فلسطيني أو غير فلسطيني.
لذلك تأتي اهمية هذه الدراسة التي يقدمها مركز السلام للدراسات الإستراتيجية ليسلط الضوء على واقع التطرف المجتمعي في إسرائيل والذي ينمو كل يوم ويتم تغذيته من جانب بعض الدوائر السياسية والأمنية ، خدمةً لمصالح وأهداف إستراتيجية للدولة الإسرائيلية على المدى المنظور. وهذه الدراسة تنبه المعنيين بالشأن الإسرائيلي لضرورة متابعة هذه الظاهرة ورصد تطورها وأبعادها وتأثيراتها على مستقبل الدولة في إسرائيل وعلى القضية الفلسطينية وكذلك على مستقبل علاقات إسرائيل بمحيطها الجغرافي العربي.